على حافة الحاضر
الجيل وجوهٌ متفرقة جمعتها مساحة وزمن، الجيل نحن، واقفين على قارعة الحاضرِ منتظرين أن يصلَ العابرون جميعاً. جاء موعد القطارِ ولم يكتملِ العددُ؛ ثمة مفقودون لم تسبق خطاهم سيف الواقعِ؛ ثمة من سقطوا على الطريق؛ ثمة من وصلوا منهَكينَ وثمة من يقف في الانتظارِ…
يسمعُ الواقفون صوت الريح في الكهف. زاهٍ بنصره على الشّجرِ والرملِ والوُجوهِ... يعودُ الصدى خوفاً لا طوعاً لصوتِ الخواءِ. تعبسُ الوجوهُ وتجفُ الشّفاهُ... يدركُ الجمعُ أن العجزَ حلّ في الروحِ…
عجزٌ يشبهُ ما تفشي به القدمُ إذ تناطحِ الماءَ... جريحٌ ملقى على الأرضِ... باب رثٌّ في انتظار ان يخلعه السيلُ…
يخرجُ أحدٌ يدهُ ويمدها الى الآخرِ، وآخرٌ إلى من يليهِ، فيعود الدفءُ... يقولُ أحدهم: "الأمل كائنٌ ذو أجنحةٍ، يحط في الروح ويغني نغماً دون كلماتٍ، ولا يكف عن الغناء..."
ويغني الجمعُ…
ويمضونَ في حقائبهم صورٌ وأسماءٌ لم تسعها كف الوقتِ. لهم يضعون الوردَ ولهم يرفعون القبعة...
ما بعد المضي إلى الأمام..
يصدح أياً كنتم، عرفناكم أم لم تتقاطع أبصارنا وبصائرنا قط... لكم أينما كنتم...
أيها الحاضرين... والذين لم يصلوا بعد... والذين لن تعود بهم الحياةُ... لكم جميعاً... شرفُ الرّحلة والانتصارِ...
لكم طوبى إذ خضتم غبارَ هذه السنين... لكم، عرفانٌ ومكانٌ فارغٌ في القلب... لكم نتركُ هذا الكرسي... بلا اسم.
فانهضوا