السينما في أحد أهم تجلياتها هي نافذة مفتوحة على الجمال والضوء وحكايات الناس.. وهي في السياق نفسه فسحة؛ فسحة من تعب الأيام.. فسحة فرح.. وأمل.. وإثارة ومتعة وانبهار..
وعندما تكرّس تظاهرة سينمائية نفسها بأفلامها وطروحاتها ونقاشاتها وندواتها لموضوعة حقوق الإنسان.. عندما تصبح السينما هي سينما الإنسان في كل مكان وزمان.. فإن دورها بوصفها نافذة يزداد سطوعًا وفاعلية ومعنى.. وتصبح، بحق، فسحة حقيقية للأمل والفرح والازدهار.. هي، على الأقل، لا تتردد في طرح قضايا الإنسان.. وتعريةِ كل ما يمسه من ظلم وأذى وانتهاكات وعدوان.. إنها سينما الإنسان، وفي المضمّن منها سينما حقوق الإنسان، إنها سينما ترفض العنصريّة، وتدين خطاب الكراهية، وتصرخ في وجه التمييز، وتحارب بأدواتها الفنية ولغتها السينمائية الظلم.
ومنذ انطلاقه في عمّان عام 2010، حرص مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، على تكريس هذه القيم، والانحياز إلى هذه المعاني، إنْ في المحاور الرئيسية والعناوين العريضة التي يطرحها في كل دورة من دوراته الـ 15، أو في نوعية الأفلام التي اختارها وما يزال يختارها، أو في دعمه (بالتعاون مع الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان "أنهار"، وجِهات ومؤسسات وشركات وشراكات ومنظمات عديدة أخرى)، إطلاق مهرجانات كرامة جديدة في العالم العربي، مستهلًا تطلعاته هذه بدعم إطلاق "كرامة فلسطين: مهرجان السجادة الحمراء لأفلام حقوق الإنسان/ غزّة" في العام 2015، ومن بعدها صارت هناك كرامات أُخرى كثيرة في بيروت واليمن وتونس وموريتانيا وغيرها.
"كرامة الأردن" بمختلف أذرعه وشراكاته وأدبياته، ظل على تواصل مع هذه الولادات المبشّرة، ومدّ لها كل يد عون، وكل مفردات دعم، ولمّا حالت في عامنا هذا 2024، ظروف محيطة دون إقامة دورات كرامة في ثلاث دول عربية: "كرامة فلسطين: مهرجان السجادة الحمراء لأفلام حقوق الإنسان/ غزّة"، و"كرامة بيروت"، و"كرامة اليمن"، فلم يتردد "كرامة الأردن" من فتح نوافذ داخل دورته الجديدة "الدورة 15: العدالة لشعوب جنوب العالم"، لأفلام من فلسطين ولبنان واليمن.. لأن النوافذ، كما أسلفنا، هي شرفات تعاضد، وفسحة أمل.
إنها نوافذ مفتوحةٌ على الشمس والضفاف والمعنى، متمسّكةٌ بثوابت "كرامة" في انبثاقاتها جميعها، منحازةٌ لِمكيال الوعي والجمال، مؤكدةٌ على علاقة "الأصل بالفروع، والشقيقة الكبرى بشقيقاتها، والفكرة بإشعاعاتها".